الداخلة .. البيع العشوائي أو ظاهرة التسول المعصرنة ؟

هيئة التحرير30 أغسطس 2022آخر تحديث : الثلاثاء 30 أغسطس 2022 - 1:44 مساءً
هيئة التحرير
أخبار الداخلة
الداخلة .. البيع العشوائي أو ظاهرة التسول المعصرنة ؟

بقلم : أحمدو بنمبا

من حسن حظ الشركات المنتجة للبيسكويت الشكولاطة والمناديل الورقية، أنها كسبت بين عشية وضحاها جيشا عرمرماً من العاملين على ترويج منتوجها، الذي ربما كان مكدسا أو حتى منسيا فوق رفوف المتاجر والأسواق ، حتى من دون أن تكلف نفسها عناء ومصاريف توقيع أية عقود دعاية وإشهار ، ولا أن تنفق درهما واحدا على هذه العملية ، فتحول منتوجها هذا بقدرة قادر ، إلى بضاعة متداولة على كل لسان ويد .

يقوم هذا الجيش المذكور بتسويقها في كل مكان ، فيما يشبه شبكة توزيع واسعة عشوائية غير منظمة ولا مؤطرة ، تقوم بنشاطها في الأزقة والشوارع والساحات الأسواق والمقاهي… وفي كل مكان يدب فيه كائن حي..! وهي التي لم تكن ، حتى في أحسن توقعاتها أو حساباتها ، تتخيل أو تتوقع أن يتجند كل هذا الحشد من “البائعين” مجانا وبشكل تطوعي ، من أجل تصريف منتوجها هذا ، لا بل وتحويله إلى ماركة معروفة لدى جميع فئات المجتمع.. ماركة تكتسي رمزية خاصة ، تحيل في مدينة الداخلة العزيزة دون سواها ، على ظاهرة الفقر والهشاشة والتسول ، ومن جهة أخرى على أساليب الإحتيال والنصب والابتزاز..!

sahel

فحيثما وليت وجهك بمدينة الداخلة ، تنبعث إليك أياد مُلوحة بعُلب المناديل والشكولاطة وأحيانا الورد ، عارضة “بضاعتها” ، ملحاحة ومتوسلة منك اقتناءها ، سواء أكنت جالساً في حديقة أو ساحة أو مقهى، أو حتى جالسا أمام مقود سيارتك ، عند إشارة ضوئية أو ملتقى طرق..

انتشرت ظاهرة “بيع” المناديل الورقية وغيرها من معلبات البيسكويت والشكولاطة بشكل كبير ملفت ، لا بل واستفحلت وتفاقمت حتى أنها قد تسرطنت وأصبحت مزعجة ومقززة للغاية ، وأصبح الجميع يمارس هذه البدعة المستحدثة ، بإعتبارها من “عرق الجبين”..! سواءا تعلق الأمر بالكبار أوالصغار ، الذكور أو الإناث ، الرجال أو النساء، أطفال شيوخ أوشباب ..

إن تفاقم ظاهرة بيع البيسكويت والشكولاطة والمناديل ووضعها أمامك في طاولة المشروبات بالمقهى ، يضعنا أمام ظاهرة التسول المعصرنة ، التي انتشرت في كل مكان، تماما كما تنتشر الأشواك البرية، وأصبح يمارسها الجميع من دون رادع اجتماعي أو مركب نقص ، خاصة بعدما أضفي عليها طلاء الشرعية الزائف، بعد إقحام المناديل الورقية في العملية ، قد أضحت أمرا مألوفا وعاديا، كما لو أن الأمر يتعلق بنشاط اقتصادي أو قطاع حِرفي معين ، وتكاثر على إثرها أعداد المتسولين في المدينة بشكل مثير ومريب وغريب ، حتى أنه من فرط كثرة وضخامة أعدادهم ، ابتدعت طرق وأساليب متعددة للتسول غاية في الإبداع وحتى الذكاء أحيانا، تهدف كلها إلى استمالة عطف وجيوب الناس، أكثرها تحايل وخداع ونصب على المواطنين.

وفي المقابل فالمواطن بدوره عند اقتنائه علبة مناديل من هؤلاء المتسولين، يعلم علم اليقين في قرارة نفسه انه إنما يمنح صدقة لمتسول، وليس ثمناً لهذه العلبة ، ولذلك، إما أن تجده يدفع ثمنها دون أن يأخذها أصلا ، أو قد يتناولها ويدفع أضعاف ثمنها الحقيقي ، بما يعني أن المجتمع متفق ومتواطئ على محاولة إخفاء ظاهرة التسول سيئة الصيت، بظاهرة البيع الكاذب هاته ، التي لا تقل في الحقيقة سوءا عنها ، بالنظر للأسلوب الذي يُعتمد في تصريفها، والإزعاج الذي تسببه للمواطنين، والمدى والإنتشار الواسع الذي أخذته داخل المجتمع ، إذ لا يمكن في الحقيقة لأي تنمية أو ترقية أو نهوض اجتماعي أن يستقيم ، ما لم يتم اجتثاث مثل هذه الظواهر الكريهة، التي تسيئ إلى صورة وسمعة المدينة وتلحق بها اضرارا بالغة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة