المخزون السمكي .. بين الاستغلال المفرط وضعف التدابير !

هيئة التحرير21 فبراير 2022آخر تحديث : الإثنين 21 فبراير 2022 - 5:48 صباحًا
هيئة التحرير
البحر بريس
المخزون السمكي .. بين الاستغلال المفرط وضعف التدابير !

.. اليوم قد تقف مساهمتي في هذا المقال المتواضع حول موضوع الاستغلال المفرط للثروة السمكية ومخطط اليوتيس ، اذ لا يخفى على احد منا اليوم الثروة الهائلة التي ظلت مهملةلسنوات تنهبها الاساطيل الاجنبية .. وتدار بشكل عشوائي ؛ فالسمة الغالبة على الحياة الاقتصادية لساكنة الصحراء عامة وساكنة هذه الجهة خاصة كانت تقتصر على تنمية المواشي بجميع اصنافها ( ابل ؛ غنم … ) ؛ ولم ينتبهوا لاهمية الاقتصاد البحري الا في العقود الاخيرة رغم ان هذه الجهة تتميز عن غيرها في هذا المجال نظرا لما تتمتع به سواحلها من ثروة بحرية جعلتها في مصاف الجهات المنتجة لاسماك داخل الوطن وخارجه ؛ فهي تمتلك شاطئا على المحيط الاطلسي يمتد جنوبا الى حدود موريتانيا وتتلاقى في مياهها الاقليمية التيارات البحرية الدافئة والساخنة الامر الذي هيأ لمياهها ان تكون ماوى لكثير من الاسماك والاحياء المائية التي تهاجر في معظم فصول السنة من مناطق اخرى للحياة والتكاثر في مياهها الفريدة من نوعها ؛ غير ان الفوضى الاقتصادية التي اكتسحت هذا القطاع منذ مدة من استنزاف وظهور لوبيات فاسدة كدست ثروتها على حساب الثروة البحرية مستغلة بذلك ضعف الرقابة والمحاسبة ومعاناة البحارة الذين يتم استغلالهم بشكل فظيع من طرف تجار السمك واصحاب السفن وقوارب الصيد خلفهم اصحاب المعامل ؛ اضحت ضريبة ستدفعها الاجيال القادمة ان بقية دار لقمان على حالها .

سلبيات الاستغلال المفرط : 

لا شك ان اباستغلال المفرط له سلبيات عدة على الثروة البحرية يمكن اختزالها في : 

– سوء تسيير هذا القطاع وسيطرة رجال الاعمال عليه والتهرب من قوانين الاستثمار 

– ضعف الرقابة البحرية وتواضع وسائل المصالح المكلفة بمراقبة السفن . 

sahel

كل هذه السلبيات ستؤدي حتما الى انخفاض المخزون السمكي وبالتالي اندثاره وانقراضه ؛ فهذا المخزون اصبح يواجه مخاطر كبيرة بسبب جشع المستثمرين وملاك سفن الصيد الكبيرة ؛ وتقاعس الجهات المعنية بتشديد الرقابة على هذه السفن ومدى احترامها لقوانين وشروط العمل ؛ لاسيما ان اغلبها لاتحترم الاتفاقيات والاجراءات التي تهدف  الى منع صيد اسماك اخرى غير تلك التي كلفت بصيدها وكذا حماية العينات الصغيرة ومنع الصيد بأنواع محددة من الشباك ؛والذي يؤدي في كثير من الاحيان الى تهديد بعض الانواع من الاسماك بالانقراض من المياه الاقليمية للجهة .

مخطط اليوتيس اية استراتيجية :

اطلقت استراتيجية اليوتيس في شتنبر 2009 وكانت تهدف الى تحقيق تنمية وتنافسية في قطاع الصيد البحري وتثمين الموارد البحرية بكيفية مستدامة وزيادة الناتج الداخلي لهذا القطاع بثلالثة اضعاف في افق 2020 ؛ لكننا وبصفتنا متابعين وباحثين في الميدان لانرى الا عكس ذلك ؛ فهذا المخطط بني على اسس تجارية وصناعية برجوازية وخير دليل على ذلك هو شبه انعدام لقطاع الصيد التقليدي في هذه الاسترتيجية وذلك لكونه قطاع تعيش فيه مئات الاسر الفقيرة والمحرومة حيث انه لايهتم الا باصحاب المال والنفوذ الذين راكموا ثروتهم من وراء صيد السمك السطحي وتجارة المنتوج البحري والصناعة البحرية وتربية الاحياء المائية ؛ اي كل مايخدم مصلحتهم ويزيدهم قوة واستبدادا . 

ان استرتيجية اليوتيس اهتمت بالسمك السطحي باعتباره عصب الاقتصاد المحلي ذو المردودية الكبيرة واغفلت عن مصايد الاخطبوط ؛ القمرون ؛ جراد البحر ؛ سمك التون ؛ تربية الاحياء المائية والصيد بالخيط ؛ هذه المصايد التي تم الاغفال عنها تعاني مشاكل عويصة ومعقدة تتركز اساسا في العشوائية وضعف المراقبة ؛ فلعل ذلك جاء دافعا لارضاء لوبي الصيد البحري الذي يجني المنافع على حساب الثروة البحرية ومايعانيه القطاع من عشوائية في كثير من جوانبه ؛ فالضرورة تحتم والواجب يقتضي بان تتمتع الثروة السمكية بالحماية الكاملة وان يستفيد ابناء الجهة من ثرواتهم بشكل مباشر وان لايسمح لاي مركب صيد او سفينة غير مرقمة ومرتبطة بمندوبية الصيد البحري التابعة للداخلة بممارسة نشاطها بمياه هذه الجهة اسوة بقوارب الصيد التقليدي وخصوصا واننا على مشارف تنزيل الجهوية المتقدمة ؛ ولان هذه الثروة هي وحدها المعول عليها للرفع من المستوى المعيشي لسكان الجهة ؛ فدمارها سوف لن تحمد عقباه من تدني المردودية وضعف والانتاج  ولعل بوادر ذلك قد تجلت في الاعفال عن الصيد الخطأ وعدم تشديد المراقبة عليه وكذا وضع اجراءات ردعية لذلك ؛ حيث اصبحنا نرى ونسمع بشكل شبه يومي من رمي للاسماك الميتة بدون حساب ولا عقاب و بيع وشراء باسم الفقيرة التي كانت تمنح للصيادين العاملين على ظهر السفن والمراكب عند رسوهم بالمناء من اجل تغطية بعض حاجياتهم الضرورية ؛ غير ان هذه الفقيرة صارت تعد بالاطنان وتباع خارج اطار القانون وبدون رسوم ؛ مايعني انها سرقة مشرعنة باسم الفقيرة .

وعلى سبيل الختام يبقى هذا كله غيض من فيض لان موضوع الصيد ومخططاته يحتم علينا التفكير الجاد في مشاكله المعقدة فهم مدخل رئيسي للتنمية وقاطرة لمكافحة الفقر وتلقيص نسب البطالة ووضع حد للفوارق الطبقية وضمان كرامة المواطن وكل حقوقه في العيش الكريم ؛ ولتحقيق ذلك لابد من رفع حالة الاستثناء وتطبيق القانون ومحاربة الفساد والمفسدين ومظاهر الاستبداد والتسلط واقتصاد الريع واستغلال النفوذ وب
التالي تحقيق العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة واعمال القانون ووقف نزيف الاستغلال البشع للمخزون السمكي لانه مستقبلنا ومستقبل اجيالنا .

بقلم : محمد الصغير

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة